مقال | نشوفك طبيب أو مهندس أد الدنيا – جريدة الجريدة صفحة ٧

٢٩/١٠/٢٠١٢

نشوفك طبيب أو مهندس أد الدنيا… هذه المقولة الشائعة إما أن تكون قد قيلت لك أو سمعتها من غيرك، أي يستحيل أن تكون هذه الأمنية غريبة على مسامعك

صحيح أن أسمى مهنة قد يمتهنها الانسان هي “الطبيب” ليعالج المرضى ويداوي جروحهم ويخفف آلامهم، وقد يكون هدف الوصول لهذه المهنة من أرقى الأهداف التي يضعها الانسان في حياته، لكن لنقف مع أنفسنا وقفة جادة ونتمعن قليلا في واقعنا الذي فرض -غالبا- على الطالب الناجح المتفوق، وهو الاختيار بين تخصصين لا ثالث لهما، الطب والهندسة، للدراسة الجامعية

كثير من طلبة الطب لم يكن هذا خيارهم في الدراسة، بل جاء تلبية لرغبة أهلهم وأحبائهم، أو ببساطة يقول الطالب في نفسه: لم لا ادرس الطب والهندسة، وقد حصلت على هذا المعدل العالي؟”، فهل يكون اختيار الطب أو الهندسة نابعا من اختيار صحيح؟

من الضروري جدًا أن يختار الانسان تخصصه الدراسي بنفسه وليس تلبية لرغبة والده أو أمنية والدته ان يروه يومًا ما طبيبا او مهندسا، يجب على الطالب ان يتبع ميوله في الدراسة لا أن يجبر على اختيار ليس بخياره، فحب المهنة ونجاح صاحبها يأتي من حب الشخص لمجاله و اخلاصه و تفانيه في العمل، هناك أيضا من يختار الهندسة بشتى تخصصاتها دون علم و دراية في تفاصيلها، فلا يمكن للطالب اختيار هندسة الميكانيك عندما يعشق السيارات ولا يمكنه أيضا اختيار هندسة الكمبيوتر لأنه مدمن انترنت ومحب للاختراقات، فالدراسة قد تكون مختلفة كليا و بشكل جذري عما هو في بال الطالب، و قس هذا المثال على كافة التخصصات العلمية كالطبية منها و الهندسية و حتى التخصصات الأدبية و الإدارية، المشكلة ببساطة إننا نجهل ماهية التخصصات و تفاصيلها و نختار التخصص الذي لا يلائم ميولنا و لا طموحنا

ادعو وزارة التربية وكل المؤسسات التعليمية والتربوية والعلمية وجميع الجهات الطلابية والشركات التجارية إلى توفير برامج محاكاة تدريبية واقعية توعوية ارشادية، يشارك فيها الطالب قبل اختيار تخصصه الدراسي، تلك البرامج تساهم وبشكل كبير في اختيار التخصص الأفضل، ولابد من العيش والاحساس بجو المهنة وحقيقتها، لا أن يختار الطالب التخصص الذي لا يلامس طموحه وميوله ورؤيته المستقبلية لنفسه

أحد شروط التقدم لكلية طب الأسنان في جامعة مانشستر هو التواجد في عيادة أسنان مدة لا تقل عن اسبوع، للشعور بواقع المهنة وطبيعتها، وأن ترى بنفسك طريقة التعامل وحياتك القادمة، ومن ثم تقرر مدى ملاءمتك لهذه المهنة وصحة قرارك في التقدم لدراسة طب الأسنان من عدمه. مثل هذه التجربة أتمنى تطبيقها في كل التخصصات، فعلى سبيل المثال زيارة الطلبة الراغبين في دراسة الطب -بشكل أولي- للمستشفيات وكلية الطب، والتعرف على النظام الدراسي ومدته وحقيقته ومكانه المستقبلي، ضرورية ليؤكد الطالب خيار الخوض في دراسة الطب

وكذلك بالنسبة إلى تخصصات الهندسة، لماذا لا تكون هناك زيارات لحقول النفط على سبيل المثال، للتعرف على طبيعة العمل والمهام، وفي جانب التخصصات الإدارية على الجهات الحكومية والخاصة توفير الفرص لمحاكاة الوظائف الادارية لتكون الصورة واضحة وشاملة قبل شروع الطالب في اختيار تخصصه الدراسي

دعوة خاصة لاتحادات الطلبة بكل أفرعها ولروابط وجمعيات الكليات المختلفة والقوائم الانتخابية ان تعمل على توفير تلك الفرص وورش العمل والزيارات والحلقات النقاشية والتوعوية، لأهمية اختيار التخصص الصحيح والملائم ومحاكاة الواقع الوظيفي لها، قبل ان يختار الطالب تخصصه و يتوهق

الطالب: أحمد محمد العلي
جامعة مانشستر
@AhmadAlAli

لمشاهدة المقال على صفحة جريدة الجريدة اضغط هنا

ملاحظة: الفقرة باللون الأزرق لم تنشر في الجريدة لكبر حجم المقال